"I believed; therefore I have spoken."

Friday, March 03, 2017

السيد في البيت

كان الشـاب الغنـي يعيـش وحيداً في قصره الفخم، المكون من العديد من الحجرات والطوابق المفروشة بالأثاث الفاخر الغالي الثمن. كان القصر تحفة فنية، فجدرانه مزينة باللوحـات الزيتيـة الفريدة، وبه العديـد مـن التحـف التي لا تقـدر بثمـن. باختصـار، كان القصر أروع مما يتخيله إنسان.
 ذات يوم قرر الشاب أن يستضيف الرب يسوع فى قصره، ليعيش معه دائماً. استجاب الرب لدعوة الشاب، ووصل إلى القصر، حيث استقبله الشاب بترحاب بالغ، ومنحه أكبر وأفخم غرفة فى القصر.
كانت الغرفة فى الطابق العلوي من القصر، فى آخر الممر، لكنها كانت أجمل غرف القصر كله.
 وحدث فى مساء ذلك اليوم، قرع شديد على باب القصر، فأسرع الشاب ناحية الباب ليستفسر عن الطارق. فلما فتح الباب وجد نفسه وجهاً لوجه أمام ثلاثة شياطين، من مملكة إبليس، يريدون إقتحام القصر. وحاول الشاب أن يغلق الباب بكل قوته أمامهم. وأخيراً نجح بعد جهاد طويل. بعدها عاد إلى غرفته متعباً ومنهك القوة. ثم قال لنفسه في دهشة: "معقول.. السيد الرب نائم في أفخم غرفة فى قصري، بينما أنا أحارب وحدي رسل الشيطان؟". لكنه عاد وقال: "ربما السيد لم يسمع شيئاً مما دار الليلة". ونام الشاب بعد ذلك.
فى اليوم التالي، امضى يوم الشاب طبيعياً، وعند منتصف الليـل صـار
 صوت قرع عنيف على باب القصـر، حتى أن باب القصر كاد ينكسر. فهـرع الشاب إلى أسفل، حيث وجد هذه المرة ستة شياطين يحاولـون إقتحـام البيت.
 وإستمر الشاب يدافع عن منزله أمامهم، في مواجهة مستميتة إستمرت ثلاثة ساعات كاملة، بعدها أنصرفت الشياطين تاركة الشاب في حالة إعياء تام، من كثرة المقاومة. واستاء بينه وبين نفسه، لماذا لم يسرع السيد الرب لنجدته من أيدي هؤلاء الشياطين؟ هذه المرة لابد وأنه قد سمع صوت القرع الشديد على الباب. ثم دخل غرفته مهموماً ومتعباً وإرتمى على الأريكة، وكان قلقاً كل الليل.
فى الصباح قرر الشاب أن يستفهم من السيد عن موقفه تجاهه، ولماذا لم يسرع لمساندته فى الليلتين اللتين حدث فيهما الهجوم. صعد الشاب لغرفة السيد، وقرع الباب، ثم دخل وهو يقول له: "سيدي، لست أفهم لماذا تركتني أقاوم الشياطين وحدي، بينما أنت تنام فى غرفتك. ألا يهمك أمري؟ ألم أمنحك أفخر غرفة في قصري؟". فنظر إليه السيد بعين مملوءة بالشفقة، بينما الشاب يستطرد فى الحديث: "أنا مازلت لا أفهم؟ لقد أعتقدت أنه عندما أدعوك لتعيش معي فى قصري، فإنك ستعتني بي، لهذا أعطيتك أفخر غرفة عندي، فما الذي لم أفعله من أجلك؟". عندئذ أجابه السيد وقال: "يا ابني أنا فعلاً أحبك وأهتم بك، وأقدر لك كل محبتك وإهتمامك بي. لكنك عندما دعوتنى لبيتـك، أجلستني في هذه الغرفـة الفخمـة، وأغلقت الباب علي فلـم أستطـع أن أرى بقية بيتك.
جعلتني "السيد" فى هذه الغرفة فقط، ولكنك لم تجعلني "السيد" فى كل منزلك.
 فأعتذر الشاب بسرعة للسيد وقال له: "سامحنى يا سيدي؛ من الآن أنت السيد في كل البيت".
وحدث عند منتصف الليل قرع مخيف على باب القصر. فانطلق الشاب ناحية باب غرفته، فرأى السيد ينزل السلم فى إتجاه باب القصر ويفتح الباب. وقف الشاب مكانه يرقب الموقف، هذه المرة كان الشيطان بنفسه واقفاً وجهاً لوجه أمام السيد. فبادره السيد بسؤال: "لماذا جئت؟" فتراجع الشيطان إلى الوراء أمام السيد وهو يقول: "أعتقد أنني قصدت العنوان الخطأ" وهرب هو وأعوانه فى الظلام.
يا أحبة؛ تعلمنا هذه القصة أن كل قلبنا يجب أن يكون لله بمعنى أن كل حياتنا يجب أن تتوجه إليه. وللأسف الكثير من المسيحيين يتبنى القاعدة العالمية: "ساعة إلك وساعة لربك" التي تجعل من الله هو أحد اهتماماتنا في الحياة بالاضافة إلى أمور أخرى.
 المسيحي الحقيقي من يجعل المسيح في مركز حياته أي من يعطي وقته وعائلته وذهنه وقلبه لله وهذا لا يتعارض أبدا مع عيشك على هذه الأرض. فنوح تحدى العالم وارضى الرب.
 لا يكفي أن نكون مسيحيين فقط في وقت الصلاة بل في كل وقت. فالله معنا دائما يحفظنا من جهة ويرانا من جهة ثانية.
 فهل كل "منزلك" ملك له، أم أنك أغلقت على السيد فى غرفة واحدة فقط؟! هل تريد أن تكون نصف مسيحي أم مسيحيا حقيقيا؟!

No comments: